العلوم والتكنولوجيا، كل هذا وأكثر منه، يدفع شباب المسلمين إلى التعلق بأولئك وفكرهم، وتبني انتقاداتهم وتشكيكهم في قدرة الأمة المسلمة، على مسايرة هذه الأمم حضاريا وعلميا، وذلك بوصم الإسلام وتعاليمه بنعوت كثيرة، وبقصوره في الميدان: الاقتصادي، والقانوني، والتنظيمي، والإعلامي وغير هذا من سبل الحياة الحاضرة.
وهذه النغمة لم تكن جديدة، بل بدأها اليهود في المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبثونها فكرا بين المشركين المعاندين للرسالة، وتشكيكا مع بعض الصحابة في النقاش والشبهات التي تطرح. ثم كبرت واتسع نطاقها مع الحملات الصليبية. ولما بدأ الاستشراق يأخذ سمة الثقافة والإفادة مع النهضة الأوروبية، ساق الحقد وسوء الفهم كثيرا من المستشرقين لينفثوا سموما، وينشروا شبهات حول رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم، وعدم صدق دلالة ما جاءا به، والأساليب التي نظمت ذلك من حدود وزواجر. فطرحت المسائل الكثيرة على أنها شبهات تصم الإسلام بعدم القدرة، ورجاله القائمين عليه، وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنعوت تقلل من قدرهم، وتضعف من مكانة الاتجاه الذي ساروا إليه، والهدف الذي قصدوه. وذلك بإطلاق المطامع الدنيوية، والرغبات الشخصية على أعمالهم، ووصمهم بالعنف والشدة، ونعت تعليم دينهم وحدوده الشرعية بالقسوة، وعدم ملاءمة العصر الذي نعيش فيه لتلك الأحكام. ثم وضع مقاييس ومعايير تخدم هدفا ثانويا وقام بها رجال في مجتمعاتهم عرفوا بالظلم والشدة، كنماذج لرجال الإسلام وتعاليمه، مع أن البون شاسع، والهدف متغاير.
فرجال الإسلام يريدون ما عند الله، والجزاء الأوفى في الآخرة، وهؤلاء يريدون التسلط والتشفي والمتعة، والانتقام.
وفي العصر الحاضر، الذي أخذ سمة التقنين لكل نظام، والتخصص