لكل فن، والتعقيد لكل أمر، يوضع أمام شباب المسلمين وجهات نظر مجسمة عن قصور الشريعة الإسلامية، في التكيف مع تلك النظم، وقدرتها في الصمود لتسيير الأحوال، لأنها - حسب مفهومهم - شريعة تقتصر على العبادة.
والحياة الصناعية والعلمية، وأساليب التعامل في الحضارة الراهنة، تتطلب مرونة واتساع أفق، لا يتيسر وفق تعاليم الإسلام المحصورة في نطاق ضيق لا يستوعب شئون الحياة الحاضرة. ولكي يجدوا لأقاويلهم مدخلا في أذهان بعض الشباب الفارغة، فإنهم يضربون لهم الأمثال بتمرد رجال العلم والتكنولوجيا في الغرب، على الكنيسة، التي حصرتهم في نطاق ضيق، وشددت على العلم والعلماء في محاكم التفتيش إبان النهضة الأوروبية الحديثة، حتى ظهر عندهم شعار التمرد على الكنيسة ورجالها باسم: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.
وغير هذا من نماذج وشبهات، يجدر بالموجهين للشباب الإسلامي، أن يحصنوهم ضدها، ليدركوا أن الدولة الإسلامية صلحت وأصلحت المجتمعات منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى قرون متطاولة. استوعبت خلالها العلم والتقدم والحضارة، بشتى مناحيها، وسعدت المجتمعات، واستقامت أحوال الناس في معاشهم وتنظيم حياتهم، بل سعد الغرب بما أخذ من المسلمين من علوم ومعارف، وبما استفاده من تنظيم وتقنين لنواحي أعمال الحياة. ولم تقف حضارة الغرب، إلا على أسس متينة مما أرساه الإسلام والمسلمون وما عرفت الإنسانية منهجا سليما في العدالة وحسن الاستقامة، إلا تحت ظل الشريعة الإسلامية، وقد شهد جم غفير من مفكري الغرب والشرق بمكانة الإسلام، ودوره في إسعاد البشرية، ومنهم أديسون الذي قال: إن الإسلام لم يكن دينا للعرب، وإنما هو دين الإنسانية من أقصى الأرض إلى أقصاها، ولا هو مختص بجيل دون جيل،