للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك: وهو لم يزل عليه الناس، وقد كره رحمه الله أن ينقص من ذلك (١).

ولكن أهل العلم ناقشوا دليل الإمام مالك رحمه الله في ذلك، فإن ابن قدامة رحمه الله قال: بأن صالحا مولى التوأمة، هو الذي قال: أدركت الناس يقومون بإحدى وأربعين ركعة يوترون بخمس، وذلك مردود بأن صالحا ضعيف ثم لا ندري من الناس الذي أخبر عنهم؟ فلعله قد أدرك جماعة من الناس يفعلون ذلك وليس بحجة، ثم لو ثبت أن أهل المدينة كلهم فعلوه لكان ما فعله عمر وأجمع عليه الصحابة في عصره أولى بالاتباع.

ثم قال: قال بعض أهل العلم إنما فعل هذا أهل المدينة لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة، فإن أهل مكة يطوفون سبعا بين كل ترويحتين، فيجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات، وما كان عليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أولى وأحق بالاتباع (٢).

إذن الآثار التي رويت عن عمر رضي الله عنه تدل على أن صلاة التراويح كانت تصلى في عهده مع الوتر ثلاثا وعشرين ركعة، وهو إما إجماع أو كالإجماع وقد فعل المسلمون ذلك إلى يومنا هذا، وهو دليل على فضل ذلك على ما سواه، والله أعلم بالصواب.

المسألة الثالثة:

فهي أن رواية البخاري التي أشار إليها الشيخ البهوتي رحمه الله أشارت إلى بعض الأسباب التي جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد قال عبد الرحمن بن عبد القارئ: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله


(١) انظر التاج والإكليل لمختصر خليل مع كتاب مواهب الجليل ١/ ٧١.
(٢) المغني والشرح الكبير ١/ ٧٩٩.