للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه، فوددت أنك تأتيني فتصلي من بيتي مكانا أتخذه مصلى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): سأفعل، فغدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر رضي الله عنه بعدما اشتد النهار، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأذنت له، فلم يجلس حتى قال: أين تريد أن أصلي من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكبر وصففنا وراءه، فصلى ركعتين ثم سلم وسلمنا حين سلم (١)».

أليس في ذلك دليل لما صنعه عمر رضي الله عنه حين أمر بأن يجتمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلى تلك الركعتين بمن كان خلفه جماعة ولم ينكر ذلك.

وحاشا عمر رضي الله عنه أن يبتدع في الدين أمرا لا يريده الشرع أو لا يقره، وهذا من مسوغات تأويل قوله: نعمت البدعة وإنه لم يرد البدعة الشرعية في الدين.

ولو فرض أن عمر رضي الله عنه، كان يقصد بالبدعة في الدين، فإن مراده متجه على حد قوله (صلى الله عليه وسلم): «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين (٢)»، أو كما قال (صلى الله عليه وسلم).

ويعجبني ما قاله ابن حجر رحمه الله: حين قال: والتحقيق أن البدعة: إن كانت مما يندرج تحت مستحسن فهي حسنة، وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة (٣).

فإن قيل: إن ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة التراويح جماعة هو السنة


(١) صحيح البخاري ٢١ ج٢/ ٥٥، مطبعة دار الفكر ١٤٠١ هـ.
(٢) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٢).
(٣) فتح الباري ٤/ ٣٠٣.