للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلاتها جماعة هو البدعة، لأن الفعل في مقابلة الترك كما ذكره في مواهب الجليل: فإنه قال: يعني البدعة جمعهم على قارئ واحد، لأنهم كانوا قبل ذلك يصلون أوزاعا فجمعهم رضي الله عنه على قارئ واحد، فهذا الجمع هو البدعة، فإن قيل قد صلى بهم (صلى الله عليه وسلم) ثم ترك، فكيف يجعل جمعهم بدعة، فيقال: لما فعله عليه الصلاة والسلام ثم تركه فتركه السنة، وصار جمعهم بعد ذلك بدعة حسنة (١).

وقد ثبت بأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ترك صلاة التراويح جماعة وتوفي على ذلك.

فقد روى البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقد من ذنبه (٢)»، قال ابن شهاب - أحد رواة السند - فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما (٣).

قال ابن حجر في فتح الباري: يعني على ترك الجماعة (٤).

وفي نظري أن هذا ليس فيه دليل على أن عمر أراد بدعة شرعية، لأن ترك الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما كان شفقة وخشية أن تفرض، فليس جمع الناس بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) بدعة شرعية، وعمر رضي الله عنه هو أولى من غيره بمعرفة ذلك، ولو كانت بدعة شرعية لما عملها ولما حث عليها رضي الله عنه. وأما ما أراده عمر رضي الله عنه بقوله: نعمت البدعة، فإن صاحب مواهب الجليل بعد أن ذكر أقوال بعض أهل العلم في معنى المراد من قول عمر قال: وأجاب سند - من علماء المالكية - بأنه أراد بالبدعة جمعهم مواظبة في المسجد في أول الليل على قارئ واحد،


(١) مواهب الجليل ٢/ ٧٠.
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٣٧)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٦٠)، سنن الترمذي الصوم (٦٨٣)، سنن النسائي الصيام (٢٢٠٢)، سنن أبو داود الصلاة (١٣٧١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٤١)، سنن الدارمي الصوم (١٧٧٦).
(٣) صحيح البخاري م١ ج٢/ ٢٥١، وانظر كنز العمال ٨/ ٤٠٧، رقم ٢٣٤٦٦.
(٤) فتح الباري ٤/ ٢٥٢.