للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا أصل الصلاة، أما قيام رمضان فكان مشروعا كما بينا بأن قيام الليل بينهم معتاد فضلا عن رمضان، ألا ترى إلى قول عمر: والتي تنامون عنها أفضل؟ فخير قيام صلاة الليل آخر الليل فلم تستحق البدعة في ذلك من كل وجه (١).

وأخيرا أنقل كلام ابن الأثير رحمه الله في النهاية فإنه قال: وفي حديث عمر رضي الله عنه في قيام رمضان "ونعمت البدعة هذه "البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلالة، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه، وحض عليه الله ورسوله، فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد جعل له في ذلك ثوابا «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها (٢)» وقال في ضده: «ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها (٣)» وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه "لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة مدحها، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يسنها لهم، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها، فبهذا سماها بدعة وهي على الحقيقة سنة لقوله (صلى الله عليه وسلم): «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي (٤)»، وقوله: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر (٥)» (٦).


(١) مواهب الجليل ٢/ ٧٠.
(٢) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٢).
(٣) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٥)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٢).
(٤) سنن الترمذي العلم (٢٦٧٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٦)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).
(٥) سنن الترمذي المناقب (٣٦٦٢)، سنن ابن ماجه المقدمة (٩٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٨٢).
(٦) انظر النهاية مادة: بدع.