وإذا كان الأمر كذلك، فإننا لا نكاد نعدم لكل سؤال من جواب في أقوال الفقهاء - رحمهم الله تعالى.
وحيث يتعذر حصر أقوال الفقهاء في مسألة دفع الخصومة، لكثرة اختلافهم فيها، فإن من المتعين أن نطلع على ما نص عليه فقهاء كل مذهب في هذه المسألة.
حكم دفع الخصومة:
أولا: المذهب الحنفي:
يقول الفقيه الكاساني صاحب كتاب "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ": " وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه ويخرج عن كونه خصما للمدعي، فنقول وبالله التوفيق: إنه يخرج عن كونه خصما للمدعي بكون يده غير يد المالك وذلك يعرف بالبينة أو بالإقرار أو بعلم القاضي نحو ما إذا ادعى على رجل دارا أو ثوبا أو دابة فقال الذي في يده: هو ملك فلان الغائب أودعنيه.
وجملة الكلام فيه: أن المدعي لا يخلو: إما أن يدعي عليه ملكا مطلقا ولم يدع عليه فعلا أو يدعي عليه فعلا، فإن ادعى ملكا مطلقا ولم يدع عليه فعلا، فقال الذي في يده: أودعنيها فلان الغائب أو رهنها، أو آجرها أو أعارها، أو غصبتها أو سرقتها، أو أخذتها أو انتزعتها، أو ضلت منه فوجدتها، وأقام البينة على ذلك تندفع عنه الخصومة عند عامة العلماء " (١). ثم قال:" هذا إذا لم يكن الرجل معروفا بالافتعال والاحتيال، فإن كان، تندفع عنه الخصومة عند أبي حنيفة ومحمد أيضا، وعند أبي يوسف: لا تندفع، وهي المسألة المعروفة بالمخمسة ".
ثم قال: " وكذلك لو ادعى لنفسه والفعل على غير ذي اليد، بأن قال
(١) انظر بدائع الصنائع ٦/ ٢٣١ نشر دار الكتاب العربي - بيروت - لبنان.