هذا ملكي غصبه مني فلان: لأنه لم يدع على ذي اليد فعلا، فصار في حق ذي اليد دعوى مطلقة؛ فكان على الخلاف الذي ذكرنا. فأما إذا ادعى فعلا على ذي اليد؛ بأن قال: هذه داري، أو دابتي، أودعتكها، أو غصبتنيها أو سرقتها، أو استأجرتها، أو ارتهنتها مني، وقال الذي في يديه: إنها لفلان الغائب أودعنيها، أو غصبتها منه، ونحو ذلك، وأقام البينة على ذلك لا تندفع عنه الخصومة، ووجه الفرق: أن ذا اليد في دعوى الملك المطلق إنما يكون خصما بيده، ألا ترى أنه لو لم يكن المدعى في يده لم يكن خصما.
فإذا أقام البينة على أن اليد لغيره، كان الخصم ذلك الغير وهو غائب فأما في دعوى الفعل فإنما يكون خصما بفعله، لا بيده، ألا ترى أن الخصومة متوجهة عليه بدون يده، وإذا كان خصما بفعله بالبينة لا يتبين أن الفعل منه لم يكن، فبقي خصما.
ولو ادعى فعلا لم يسم فاعله، بأن قال: غصبت مني أو أخذت مني، فأقام ذو اليد البينة على الإيداع، تندفع عنه الخصومة؛ لأنه ادعى الفعل على مجهول، وأنه باطل فالتحق بالعدم، فبقي دعوى ملك مطلق. فتندفع الخصومة. ولو قال: سرق مني، فالقياس أن تندفع عنه الخصومة، كما في الغصب والأخذ، وهو قول محمد وزفر، وفي الاستحسان لا تندفع، فرقا بين الغصب والأخذ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - ووجه الفرق يعرف في الجامع. ولو قال المدعي: هذه الدار كانت لفلان فاشتريتها منه، وقال الذي في يده: أودعني فلان الذي ادعيت الشراء من جهته، أو سرقتها منه أو غصبتها، تندفع الخصومة من غير إقامة البينة على ذلك؛ لأنه ثبت كون يده يد غيره بتصادقهما، أما المدعى عليه فظاهر، أما المدعي فبدعواه الشراء منه؛ لأن الشراء منه