أبو الطيب والشيخ أبو نصر: وإن كان للمقر بينة أنها للغائب، سمعت بينته، فإذا أقام المدعي بينة أنها له قدمت بينته على بينة المقر، ويكون قضاء على الغائب قولا واحدا.
قال: فإن قيل: فلم سمعتم بينة المقر؟ قلنا: الفائدة زوال التهمة عنه، وإسقاط اليمين عنه، إذا ادعى المدعي أنه يعلم أنها له.
هذا ما قاله هؤلاء الأئمة.
وقال الإمام: إذا كان لصاحب اليد بينة أنها للغائب، فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا تسمع، إلا أن يثبت كونه وكيلا عنه.
والثاني: تسمع، لا لإثبات ملك الغائب، بل لقطع التحليف والخصومة عنه.
والثالث: اختاره القاضي حسين، إن ادعى لنفسه علقة من وديعة أو عارية سمعت، وإلا فلا. ثم إن سمعت بينة المقر للغائب بعد ثبوت وكالته وأقام المدعي بينة بالملك له، قدمت بينة الوكيل، لأجل اليد. وإن سمعت بينته دون الوكالة، لصرف اليمين عنه، قدمت بينة المدعي. وقال القاضي أبو الطيب والشيخ أبو نصر: إذا ادعى المقر أن العين للغائب، وأنها في يده بإعارة أو إجارة، وأقام بذلك بينة، هل يقضي بهذه البينة؟ فيه وجهان. ومهما سلمت العين إلى المدعي ببينته المترجمة على بينة المقر الحاضر، كتب في سجل أن الغائب على حجته ويده مهما عاد. ثم متى عاد الغائب وادعى، وجب عليه إعادة البينة، ولا يغنيه ما أقامه صاحب اليد، ولكن متى رجع جعلناه صاحب اليد، حتى إذا أقام بينة قدمت على بينة المدعي، وانتزعت من يده، وإن كان قد تسلمها قبل حضور الغائب. وفرع المراوزة على هذه الحالة، ما لو ادعى الحاضر المقر رهنا أو إجارة لنفسه، هل تسمع بينته؟ فيه وجهان، فإن قلنا: تسمع، هل تقدم على بينة المدعي؟ فيه وجهان.