وضع اليد أيضا، ولا مخرج من هذه المخالفة إلا باعتبار بينته بينة سياسية لا قضائية.
٣ - أنه على التسليم باعتبار بينة دافع الخصومة بينة قضائية فإن هذا القول يكون ذريعة إلى الخروج عن طريق الحكم وصفته؛ وذلك لأن تعليل الأحكام القضائية بالمصلحة يقضي إلى الحكم بالرأي والهوى - أعاذنا الله من ذلك - لأن المصالح تتفاوت في إدراكها العقول السليمة، هذا إذا لم تخالف نصا شرعيا، فكيف إذا خالفت نصا شرعيا، ثم خول إدراكها إلى عقول غلبتها الأهواء. فلا مخرج من هذا إلا أن يكون سماع بينة دافع الخصومة حكما سياسيا لا حكما قضائيا.
٤ - أننا إذا اعتبرنا بينة دافع الخصومة بينة سياسية سندها المصلحة فلا يرد القول: بأن سماعها قضاء بالملكية للغائب، الذي لم يحضر ولم يوكل؛ وذلك لأن هذه البينة ليست قضائية، والأحكام القضائية إنما تبنى على البينات القضائية.
هذا، ولا يعني أن فيما ذكرناه تعطيلا للأخذ بأقوال الفقهاء - رحمهم الله تعالى - بل إن ما بينوه فيه ما يغني عما سواه، ولكن ما ذكرناه يتضح فيه المخرج من جميع المحاذير والإيرادات التي أشرنا إليها فيما تقدم.
بعد هذا، فإن الترجيح بين أقوال الفقهاء - في هذه المسألة، من جهة أن تلك الأحكام التي أوردوها إنما هي أحكام سلطانية سندها المصلحة، وليست أحكاما قضائية فإننا نقول وبالله التوفيق: -
إذا أعدنا النظر في أقوال الفقهاء - رحمهم الله تعالى - فإن جملة ما صوروه في هذه المسألة - ينحصر في ثلاث صور، هي:
١ - أن يدفع صاحب اليد الخصومة عن نفسه بعدم المنازعة.