للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إعداد الأئمة والدعاة

نحب أن نقول بدقة أن العالم العربي والإسلامي به مئات المعاهد والكليات لأنواع من الدراسات الإسلامية وغيرها. . ولكن ليس به معهد واحد ذو بال لتخريج الدعاة والأئمة، ولو اتخذنا مصر مثالا لنا نجد أنه ليس بمصر معهد واحد للدعوة ضمن مئات المعاهد والكليات في جامعاتنا، حتى الأزهر الذي حمل عبء الثقافة الإسلامية طيلة ألف عام والذي يشمل عددا كبيرا من المعاهد النظرية والعملية لا يوجد به معهد للدعوة اللهم إلا قسم صغير بكلية أصول الدين يعرض الطلاب عنه، أو يكرهون على الالتحاق به، وعندما يتخرجون يفرون من الاشتغال بنشر الدعوة الإسلامية، لأنهم في الحقيقة غير مؤهلين لذلك أو غير راغبين فيه.

ونحب أن نوضح أن هناك فرقا كبيرا بين المدرس والداعية، وأن المسجد في حاجة إلى داعية، والبلاد الأجنبية في قلب أفريقية وفي جنوب شرقي آسيا تحتاج للدعاة أكثر من حاجتها للمدرسين. فالمدرسون يبدأ عملهم بعد نجاح الدعاة، فإذا قدم الداعية الإسلام للضال واستطاع أن يجذبه لحوزة الإسلام، بدأ بعد ذلك عمل المدرسين ليعلموا هذا المسلم كيف يصلي، وكيف يصوم وكيف يؤدي مبادئ الإسلام ويلتزم بتوجيهاته. أما الداعية فيعرف علوم المدرس معرفة تامة من فقه وتفسير وحديث وغيرها من العلوم الإسلامية ولكن ينبغي أن يضيف لها الدعوة وهي بالإجمال:

إجادة لغة من اللغات العالمية على الأقل، ثم معرفة لغة القوم الذين سيقدم لهم الإسلام ويدعوهم إليه، ويمكن أن تكون معرفة الداعي بهذه اللغة معرفة محدودة؛ لأن حياة الداعية بين القوم ستجعله يطور معرفته بهذه اللغة بسرعة.

هناك صفات شخصية يتحتم أن تكون بارزة في الداعية وفي قمتها: الإيمان العميق بالعمل الذي يزاوله، وإحساس أنه يريد أن يعطي من فكره وجهده لخدمة دينه ووطنه، ثم وضوح الفكرة وطلاقة اللسان وإجادة الحوار والمناظرة، ثم سماحة النفس واتساع الأفق وحسن العشرة، ثم الكرم وسمو الخلق والتطور الفكري وسعة الاطلاع، وقبل هذا وبعده: أن يكون قدوة حسنة للناس، وأن يجعل الآية الكريمة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (١) نبراسا له وضوءا يهتدي به.


(١) سورة النحل الآية ١٢٥