ميئوسا منه أو غير ميؤوس أو يمكن الانتفاع به أو لا كما صرح به من قبل. وجاء في مغني المحتاج: وعليه علف دوابه وسقيها فإن امتنع أجبر في الحيوان المأكول على بيع أو علف أو ذبح وفي غيره على بيع أو علف ويحرم ذبحه للنهي عن ذبح الحيوان إلا لأكله.
وأما ما قيل من أن جمع هذه الحيوانات والإبقاء عليها فيه تحميل لبيت المال للإنفاق عليها وفي ذلك مضرة حيث إن النفقة عليها من بيت المال أو غيره خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق أي مصلحة حاضرة ولا منتظرة وأن بيت المال مرصود لصالح المسلمين في الحاضر والمستقبل وأنه لا يجوز الصرف منه فيما لا فائدة للمسلمين منه إلى غير ذلك مما أوردوه، من تعليلات فهي غير مسلمة لأمور:
الأول: إن الشريعة الإسلامية رتبت الأجر العظيم على رعاية تلك الحيوانات والقيام عليها حتى التي لا تدرك لها فائدة ولا منفعة في ظاهر الأمر، فامرأة بغي غفر لها بسبب سقيها لكلب كان يأكل الثرى من العطش. فالكلب ليس مملوكا لها ولا هو مما يؤكل لحمه ولم ينتفع به بصيد أو ماشية والحرمة ثابتة لكل حيوان حتى ولو كان زمنا كبيرا أو مكسرا إذا كان الأمر كذلك، فكيف يقال إن سقيها والإنفاق عليها خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق مصلحة حاضرة ولا منتظرة كيف وقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «في كل كبد رطبة أجر (١)» وإذا كانت هناك دول غير إسلامية تنشئ جمعيات للرفق بالحيوان استبشاعا لقتلها أو إيذائها وينفقون في ذلك الأموال الطائلة لرعايتها وعلاجها من المرض والعجز يستوي في ذلك لديهم المأكول وغير المأكول والميئوس منها من عدمه فما بال المسلمين ينزعون إلى تعمد مخالفة النصوص التي
(١) صحيح البخاري المساقاة (٢٣٦٣)، صحيح مسلم السلام (٢٢٤٤)، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٥٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٧٥)، موطأ مالك الجامع (١٧٢٩).