ومن إحدى شروط أداء المسجد رسالته بشكل أصح وأكمل: هو سعة معرفة الأئمة والخطباء والوعاظ الذين يقدمون خدماتهم للمسجد والمصلين، وإن نجاح المسجد في أداء رسالته يتعلق كلية بمستوى الإمام العلمي والخطيب اللذين يلقيان المواعظ الدينية في مختلف المواضيع والفروع الدينية. وعلى خدمة المساجد أن يكونوا على اتصال دائم مع الأحداث الجارية في كل بلدة على حدة، وكذلك في العالم الإسلامي، وعلى الأئمة والخطباء أن يعظوا بروح العصر ويوافق ما يقولون ومستوى المسلمين العلمي. ففي هذه الحالة فقط فإن المسلم الجالس في المسجد يفهم الإمام ويصدق كلامه وحينئذ يحق على الإمام أن يعتقد أنه ساعد في ترسيخ قواعد الدين الإسلامي في بلده، وبالتالي أداء رسالته بشكل أكمل.
هذا وإن المراكز الإسلامية في بلادنا قد حققت في السنوات الأخيرة شوطا كبيرا من الأعمال المفيدة في خصوص توسيع مجال الدعوة، وقد حققنا نشر القرآن الكريم، كما طبعنا كتاب الأدب المفرد والجامع الصحيح للإمام البخاري، ونشرنا كتاب تاريخ المصحف العثماني المحفوظ في طشقند، وأصدرنا عشرات من الفتاوى الدينية حول حل المشاكل في الفروع التي أحدثتها طبيعة الحياة، وإن مجلة " المسلمون في الشرق السوفييتي " تنشر على صفحاتها بحوثا في توضيح المسائل الفقهية والاجتماعية، ويجد المسلم في المجلة كل الأعمال والتجارب المفيدة الجارية في مختلف مناطق البلاد.
ومن دوافع سرورنا في هذه الأيام أننا الآن على وشك تحقيق نشر القرآن الكريم بحجمين: كبير وصغير بعدد كثير، وكذلك عدة كتب دينية أخرى توزع كلها مجانا.
وتساعد في رفع مستوى النشاط الديني والعلمي والاجتماعي للمساجد وأهلها الاجتماعات والمؤتمرات العلمية الدينية، ففي بعض منها قد اشترك ضيوف من الدول الخارجية، ففي ظرف خمس سنوات أخيرة قد انعقد في طشقند وسمرقند ثلاثة اجتماعات دينية كبيرة، والعلماء الحاضرون في هذا الجمع الحافل المبارك سيتحدثون عن مقدار نجاح المؤتمر الذي جرى في سمرقند بمناسبة مرور اثني عشر قرنا من ميلاد إمام المحدثين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله-.
وإن البحوث والخطب التي ألقاها العلماء المسلمون في المؤتمر من ٢٦ بلد عربي وإسلامي، وكذلك من جميع أنحاء الاتحاد السوفييتي قد ناقشوا بكل عمق وتفكير وحيوية مشاكل تاريخية وعصرية في ضوء تعاليم الدين الحنيف.
ونحن إن شاء الله سوف ننشر بحوث هذا المؤتمر الجليل في مجموعة خاصة كي يستفيد بها الأئمة والخطباء ويستنبطوا منها ما يفيدهم من الأدلة والبراهين الساطعة في أداء رسالة المسجد بشكل أحسن.
وقد ساعدنا في ذلك المجال أيضا المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في بغداد ومؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، وكذلك تبادل الوفود مع الدول الإسلامية.