للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد بن فارس: "كل ما في القرآن من ذكر الأسف"، فمعناه الحزن إلا: {فَلَمَّا آسَفُونَا} (١) فمعناه أغضبونا.

وكل ما فيه من ذكر البروج فهي الكواكب إلا: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (٢). فهي القصور الطوال الحصينة.

وكل ما فيه من "سخر" فالاستهزاء إلا {سُخْرِيًّا} (٣). في الزخرف فهو من التسخير والاستخدام" (٤).

وهذا القدر فيه الكفاية للدلالة على وجود هذا النوع من التفسير في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة من بعده، ٣ والتابعين ومن جاء بعدهم إلا أنه لم تظهر دواعي تدوينه في زمن الرسول وأصحابه وتابعيهم وذلك للأسباب الآتية:

أولا: أن القرآن نزل بألسنتهم وهم أهل الفصاحة والبلاغة فهم من القدرة على إدراك ألفاظ القرآن ووجوه ألفاظه على حال لا تحوجهم إلى تدوينه، ولم يكن المجتمع العربي قد اختلط بعد باللسان الأعجمي الذي يحتاج إلى مثل هذه العلوم.

ثانيا: مشاهدتهم للتنزيل ومعرفة مناسبة النزول تساعدهم على فهم المراد من اللفظ في كل آية، وإن تعدد وروده في أماكن كثيرة من الآيات، ولكن ما إن جاء عصر أتباع التابعين حتى بعدت شقة الزمن بينهم وبين التنزيل فخفي عليهم بعض أسباب النزول، كما أن العجم قد دخلوا أفواجا في الإسلام وهم لا علم لهم باللغة العربية وأساليبها، بالإضافة إلى ذلك ظهور الأحزاب السياسية


(١) سورة الزخرف الآية ٥٥
(٢) سورة النساء الآية ٧٨
(٣) سورة الزخرف الآية ٣٢
(٤) انظر: الإتقان ٢/ ١٣٢ - ١٣٣.