للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هجرة جعفر إلى الحبشة، طالبا من النجاشي العادل الاعتناء بحال اللاجئين الغرباء في بلاده (١) من المسلمين، وهم المهاجرون الأولون من المسلمين إلى أرض الحبشة، كما دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام.

وذكر العبارة: ". . . «وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا، ونفرا معه من المسلمين، فإذا جاءك، فأقرهم». . . "، لا يمكن أن تتعلق بالكتاب المرسل في السنة السادسة الهجرية مع عمرو بن أمية الضمري، حيث كان قد مضى خمس عشرة سنة على هجرة جعفر إلى الحبشة، وكان على وشك الرجوع إلى دار الإسلام.

والمصادر التي لم تذكر هذه العبارة في متن الكتاب النبوي متأخرة عن الطبري الذي ذكرها، فليس ذكرها سهوا من الطبري، بل عدم ذكرها سهو من المتأخرين.

٢ - ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة، وأنهم قد اصابوا بها دارا وقرارا، ائتمروا أن يبعثوا فيهم منهم رجلين من قريش جليدين إلى النجاشي فيردهم عليهم، ليفتنوهم في دينهم، ويخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها، فبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بن وائل، وجمعوا لهما الهدايا للنجاشي وبطارقته (٢)، ثم بعثوهما إليه فيهم، وأمروهما أن يدفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن يكلما النجاشي في المسلمين المهاجرين إلى أرض الحبشة.

وخرجا حتى قدما على النجاشي، فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: "إنه قد ضوى (٣) إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا


(١) مجموعة الوثائق السياسية (٣).
(٢) البطارقة: فسره أبو ذر بالوزراء.
(٣) ضوى: أوى، ولجأ ولصق.