للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها عودا، ثم قال: "والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود (١) اذهبوا فأنتم الآمنون، من سبكم غرم، ما أحب أن لي جبلا من ذهب وأني آذيت رجلا منكم. . . ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها" فخرجا - عمرو بن العاص وصاحبه - من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به، وأقام المسلمون في أرض الحبشة عند النجاشي في خير دار مع خير جار (٢).

وهكذا أدى جعفر واجبه في الدفاع عن المسلمين المهاجرين إلى أرض الحبشة وفي شرح تعاليم الإسلام للنجاشي ورجاله، فنجح في إخفاق عمرو بن العاص وصاحبه في مهمته إلى أرض الحبشة، فعادا أدراجهما خائبين.

٣ - ولما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وأذن للمسلمين بالهجرة إليها، وبدأ بوضع أسس المجتمع الإسلامي بالمؤاخاة، آخى بين جعفر ومعاذ بن جبل، من بني سلمة الأنصار وكان جعفر غائبا بالحبشة (٣).

وأكثر الذين أرخوا لجعفر لم يذكروا هذه المؤاخاة بينه وبين معاذ بن جبل، فقد كانت المؤاخاة بعد قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وقبل غزوة بدر الكبرى، فلما كان يوم بدر نزلت آية الميراث وانقطعت المؤاخاة، وجعفر غائب يومئذ بأرض الحبشة (٤).

وأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري سفيرا إلى النجاشي (٥) يدعوه


(١) قال أبو ذر: تقديره: ما جاوز مقدار هذا العود أو قدر هذا العود.
(٢) سيرة ابن هشام (١/ ٣٦٠) وحلية الأولياء (١/ ١١٤ - ١١٦) وانظر: عيون الأثر (١/ ١١٨ - ١١٩).
(٣) سيرة ابن هشام (٢/ ١٢٤) والدرر (٩٩) وجوامع السيرة (٩٦) والإصابة (١/ ٢٤٨).
(٤) طبقات ابن سعد (٤/ ٣٥)
(٥) سيرة ابن هشام (٤/ ٢٧٩) وجوامع السيرة (٢٩)