للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فقاتل حتى قتل - رضي الله عنه -، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فسحب قوات المسلمين من ساحة المعركة وحمى بالشاقة انسحابهم، وعاد بهم إلى المدينة.

وهكذا مضى جعفر إلى ربه شهيدا، مقبلا غير مدبر، يقاتل الروم وحلفاءهم من الغساسنة وهو يقول:

يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وباردا شرابها

والروم روم قد دنا عذابها ... كافرة بعيدة أنسابها

علي إذ لاقيتها ضرابها ... .........

فأخذ جعفر اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه (١) بعضديه حتى قتل (٢) فسقط مضرجا بدمائه دون أن يسقط اللواء، فقد رفعه أحد المسلمين عاليا، وتلك شجاعة فذة، وبطولة نادرة، وإقدام لا يتكرر إلا قليلا.

الإنسان:

كانت سن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يوم أسلم إحدى عشر سنة على أصح ما ورد من الأخبار في إسلامه، وقيل ثلاث عشرة، وقيل: سبع سنين، والثابت إحدى عشرة سنة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث وهذه سنوه، فأقام معه بمكة ثلاث عشرة سنة (٣)، أي أن عليا كان في الرابعة والعشرين من عمره حين هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.


(١) احتضنه: أخذه في حضنه، وحضن الرجل: ما تحت العضد إلى أسفل.
(٢) سيرة ابن هشام (٣/ ٤٣٤).
(٣) مقاتل الطالبيين (١٧)