للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طعاما، وأوصى أسماء زوج جعفر بقوله: لا تقولي هجرا ولا تضربي صدرا (١)».

وكان مما بكي به شهداء مؤتة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قول حسان بن ثابت:

تأوبني ليل بيثرب أعسر ... وهم إذا ما نوم الناس مسهر

لذكرى حبيب هيجت لي عبرة ... سفوحا وأسباب البكاء التذكر (٢)

بلى إن فقدان الحبيب بلية ... وكم من كريم يبتلى ثم يصبر

رأيت خيار المؤمنين تواردوا ... شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر

فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا ... بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر

وزيد وعبد الله حين تتابعوا ... جميعا وأسباب المنية تخطر (٣)

غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم ... إلى الموت ميمون النقيبة أزهر (٤)

أغر كضوء البدر من آل هاشم ... أبي إذا سيم الظلامة مجسر (٥)

فطاعن حتى مال غير موسد ... بمعترك فيه قنا متكسر (٦)

فصار مع المستشهدين ثوابه ... جنان وملتف الحدائق أخضر (٧)

وكنا نرى في جعفر من محمد ... وفاء وأمرا حازما حين يأمر

وما زال في الإسلام من آل هاشم ... دعائم عز لا يزلن ومفخر


(١) أسد الغابة (١/ ٢٨٩) (٤)
(٢) العبرة: الدمعة. والسفوح السائلة أو شديدة السيلان.
(٣) تخطر: تقول: خطر فلان في مشيته: إذا اختال فيها وتبختر وتحرك واهتز.
(٤) ميمون النقيبة: يريد أنه مسعود منجح فيما يطلبه. وأزهر: أبيض.
(٥) الأبي: العزيز الذي يأبى الضيم، أي يمتنع من قبوله. سيم: كلف. المجسر: الشديد الجسارة.
(٦) المعترك: موضع الحرب.
(٧) الحدائق: جمع حديقة وهي الجنة.