قبلي، لذلك احتفل النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الغزوة، وحشد لها ثلاثة آلاف مجاهد من المسلمين وولى قيادتها أكفأ قادته: زيد بن حارثة الكلبي، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحه.
وبالرغم من قصر المدة التي بقي فيها جعفر إلى جانب النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه شارك في سرية مؤتة قائدا، فخاض معركة مهمة جدا من معارك المسلمين على الروم وحلفائهم وهي المعركة التمهيدية الحقيقية لفتح بلاد الشام التي حملت المسلمين على تأسيس أول ركن لدولة الإسلام خارج شبه الجزيرة العربية، على شواطئ البحر الأبيض المتوسط الشرقية، ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب تبليغه الدعوة الإسلامية إلى قادة العالم في وقته، كان قائدا ماهرا يقظا لا يغض الطرف عن أي مظهر عدواني قد يحط من شأن دعوته أو يعمل على النيل منها، فلم يقف ساكنا إزاء استشهاد رسوله الذي بعثه إلى أمير الغساسنة في بصرى، فأرسل سرية مؤتة للأخذ بثأر رسوله الشهيد. وهناك عند مؤتة على حدود البلقاء إلى الشرق من الطرف الجنوبي للبحر الميت، التقى المسلمون بقوات الروم.
ومهما كانت الخاتمة التي لقيتها سرية مؤتة، فإن نتائجها وآثارها كانت بعيدة المدى، فبينما رأى الروم تلك السرية (غارة) من الغارات التي اعتاد البدو شنها للنهب والسلب كانت تلك السرية في الواقع ومعركتها من نوع جديد لم تقدر دولة الروم أهميتها، فهي حرب منظمة كانت لها مهمة خاصة، جعلت المسلمين يتطلعون جديا لفتح أرض الشام.
وفي العام التالي، أي في السنة التاسعة الهجرية (٦٣٠ م)، قاد النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه غزوة (تبوك)، فأظهر قوة المسلمين، وعاد إلى المدينة منتصرا.
لقد قدر الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام بعمق ودقة أهمية سرية مؤتة وأهمية المعركة التي تخوضها، وخطورتها على حاضر