للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين ومستقبلهم، لذلك جعل على تلك السرية ثلاثة قادة من أبرز قادته وألمعهم، إذا سقط الأول شهيدا، تولى القيادة الثاني وإذا استشهد الثاني تولاها الثالث فإذا استشهد اصطلح المسلمون على قائد يختارونه، وما ولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل سرية مؤتة ولا ولى بعدها ثلاثة قادة أو قائدين على سرية واحدة، ولكن بعد نظره - عليه الصلاة والسلام - وتقديره لأهمية هذه السرية وخطورتها هو الذي جعله يولي ثلاثة قادة على سرية واحدة، مرة واحدة فقط في حياته العسكرية كلها، وقد صدقت الأحداث ما توقعه، فانهزمت السرية ظاهريا ولكنها انتصرت معنويا حيث رجعوا وأثرت في معنويات الروم تأثيرا عظيما.

وتولية جعفر القيادة في سرية مؤتة على أهميتها وخطورتها، دليل على كفايته القيادية وأنه قائد من طراز فريد.

وليس من الصعب اكتشاف سمات جعفر القيادية، فقد كان من أولئك القادة ذوي العقيدة الراسخة، الذين يضحون أرواحهم من أجل عقيدتهم، ويعتبرون الشهادة فوزا عظيما.

وحين رفع اللواء جعفر بعد استشهاد سلفه زيد بن حارثة، كان يعلم بالتأكيد أنه يسلك طريق الشهادة، فأقبل على مصيره المرتقب مقبلا غير مدبر بإصرار وعناد واستقتال، وهو دليل على شجاعته النادرة التي لا تتكرر إلا في المجاهدين الصادقين المحتسبين من ذوي العقيدة الراسخة والإيمان العميق.

وكان يتمتع بعقل سديد ومنطق صائب وذكاء وقاد، مما يؤدي إلى أن تكون قراراته سريعة صحيحة.

وكان ذا إرادة قوية ثابتة يتحمل المسئولية ويحبها ولا يتهرب منها أو يلقيها على عواتق الآخرين.