إذا فنسبة الذين يرتادون المسجد ضئيلة جدا ٥ % هل يمكن أن تستقطب كل اهتمامات المؤتمر علما بأنها هي الأحسن حالا ومآلا «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» وإذا شاء المؤتمر أن يقتصر على بحث أمر الساجد والمسجد فقط، فإن النسبة الساحقة تبقى خارج نطاق اهتمامهم، وهذا ما يتنافى مع شمولية الفكر الإسلامي.
أيها الإخوة. . .
إن مسئولية الدعوة والبلاغ بكل تبعاتها تقع على صنفين من الناس:
الشطر الأول منها يقع على عاتق علماء الشريعة الإسلامية {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}(١)
والقيام بشطر هذه المسئولية يقتضي تنظيما عالميا نشير إلى تفاصيله فيما بعد.
والشطر الثاني من هذه المسئولية يقع على ولاة أمور المسلمين، وعلى الأخص دولة الإيمان ومملكة الإسلام (المملكة العربية السعودية) وعليها أن تضطلع بالدور القيادي للحكومات الإسلامية في هذا الأمر لأسباب متعددة منها: أنها مؤهلة فكريا وماديا لتولي القيادة الروحية للعالم الإسلامي نحو غاياته الكبرى، ولأنها ما زالت تستمسك بالقرآن في الوقت الذي تفرقت فيه السبل بآخرين، ومنها: أن الله أكرمها بخدمة الحرمين الشريفين منطلق دعوتهم. . . ومنها: أن المملكة قد مرت بتجربة مريرة حينما هبت رياح التغيير وعصفت بكثير من القيم الإسلامية في مواقع متعددة من بلدان العالم الإسلامي، فظلت هي الشامخة الصامدة محتفظة ومعتزة بكيانها الإسلامي، وظل فقيد الإسلام فيصل بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - يصارع الأنواء ويغالبها، وفي مهب هذه الزوابع استطاع بعون الله أن يرسي قواعد التضامن الإسلامي جامعة المسلمين التي ظلت حلما يراود قلوب المسلمين وعقولهم منذ سقوط الخلافة الإسلامية، ولم تسقط الراية بوفاة فقيد الإسلام ولن تسقط، فقد استلمها إمام المسلمين خالد بن عبد العزيز بحزم المؤمنين وصدقهم، وإنا لنأمل أن يحقق الله به آمال المسلمين، ويرأب به صدعهم، ويلم به شعثهم.