للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عز وجل في هذه المناسك، وبهذا تكون السنة قد جاءت بزيادة لم ترد في القرآن، مما أحدث خلافا فقهيا بين العلماء، حول اشتراط الطهارة للطواف، أو عدم اشتراطها.

فذهب الحنفية إلى عدم اشتراط الطهارة لصحة الطواف، وعدوها واجبة في الأصح، حتى يصح الطواف بدونها (١).

وذهب الشافعية والمالكية وأحمد في المشهور عنه إلى أن الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر شرط لصحة الطواف، فلا يصح إلا بها.

وحجة الحنفية أن الله قد أمر بالطواف مجردا من القيود بقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢)

والطواف هو: الدوران حول الكعبة من غير قيد الطهارة، واشتراط الطهارة زيادة على النص القرآني بخبر الواحد، فلا يصلح ناسخا (٣).

وذلك ما ذكره في المبسوط حيث قال: " وحجتنا في ذلك، أن المأمور به بالنص هو الطواف"، قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا} (٤) وهو اسم للدوران حول البيت، وذلك يتحقق من المحدث والطاهر، واشتراط الطهارة فيه زيادة على النص، ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد، ولا بالقياس، لأن الركنية لا تثبت إلا بالنص، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد لأنه يوجب العمل ولا يوجب علم اليقين. (٥).

أما حجة الجمهور فهي:

أولا: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني مناسككم (٦)» وقد فسره - صلى الله عليه وسلم - بفعله الذي ورد في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها -: «إن أول شيء


(١) الكاساني: بدائع الصنائع جـ٣ ص١١٠٢.
(٢) سورة الحج الآية ٢٩
(٣) الكاساني: بدائع الصنائع جـ٣ ص١١٠٢.
(٤) سورة الحج الآية ٢٩
(٥) السرخسي: المبسوط جـ٤ ص٣٨.
(٦) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).