للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبطل به الدعوى عن المدعى عليه، إذا لم تكن للمدعي بينة، واختلفوا هل يثبت بها حق للمدعي؟ واتفقوا على القضاء برجلين أو برجل وامرأتين، واختلفوا في ثبوت الحقوق بشاهد ويمين.

فذهب الحنفية إلى أنه لا يقضى بشاهد ويمين الطالب في شيء من الحقوق كائنا ما كان ذلك الحق (١).

وذهب الشافعي ومالك وأحمد إلى أنه يقبل الشاهد ويمين الطالب في القضاء بالحقوق (٢) وحجة الحنفية في ذلك ما يلي:

(أ) قوله عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣) الآية.

فالآية بينت أن الحقوق تثبت إما بطريق رجلين أو رجل وامرأتين لا غير، وإثباتها بشاهد ويمين زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ، ولا يثبت نسخ القرآن بخبر الواحد (٤).

(ب) قوله - صلى الله عليه وسلم -: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر (٥)» ووجه الاستدلال أنه - صلى الله عليه وسلم - حصر البينة بجانب المدعي، وحصر اليمين بجانب المدعى عليه.

ونوقش هذا الدليل بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في هذا الحديث بدعاوى، وقضى بحديث الشاهد واليمين بدعاوى أخرى (٦).

ثم إن هذا الاستدلال أخذ بالمفهوم المخالف، وهم لا يأخذون به بل ينكرونه أصلا (٧).


(١) أبو القاسم السمناني: روضة القضاة وطريق النجاة جـ١ ص٢١٤ مطبعة أسعد بغداد ١٩٧٠.
(٢) نفس المصدر، ونفس الجزء والصفحة، هامش، نقلا عن أحمد إبراهيم: طرق القضاء.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٤) السرخسي: أصول السرخسي جـ١ ص٣٦٦.
(٥) أخرجه البخاري في الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه جـ٣ ص١٨٧، والترمذي في الأحكام، باب ما جاء أن البينة على المدعي واليمن على المدعى عليه، جـ٢ ص٣٩٩، وابن ماجه في الأحكام باب البينة على المدعي جـ٢ ص٧٧٨.
(٦) ابن تيمية: مجموعة فتاوى ابن تيمية جـ٣٥ ص٣٩١.
(٧) الشوكاني: نيل الأوطار جـ٨ ص٣٢٢ - ٣٢٣، الصنعاني: العدة على إحكام الأحكام جـ٤ ص٤٠٢.