للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ج) حديث الأشعث بن قيس قال: «كان بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شاهداك أو يمينه، قلت إذا يحلف ولا يبالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان (٢)».

فقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طريقين للحكم، ولو كان ثمة طريق ثالث إلى الحكم لبينها - صلى الله عليه وسلم - ولقال: أو يمينك وشاهد.

وأجاب ابن حجر عن ذلك بقوله: قلت: والجواب - بعد ثبوت العمل بالشاهد واليمين - أنها زيادة صحيحة، ويتعين المصير إليها، لثبوت ذلك بالمنطوق، وإنما يستفاد نفيه من حديث الباب بالمفهوم (٣). وهذا ما تقرر في الحديث السابق، وهو عين ما قاله الشافعي: القضاء بشاهد ويمين، ولا يخالف نص القرآن، لأنه لم يمنع أن يجوز أقل مما نص عليه، يعني والمخالف لذلك لا يقول بالمفهوم، فضلا عن مفهوم العدد (٤).

(د) الأصل أن مال الغير لا يجوز أن يقبل فيه قول غيره، ويسلم إلى المدعي، إلا في موضع اتفق الناس عليه، ولم يتفق على الشاهد الواحد واليمين، فإن اليمين قول المدعي فلا يقضى له (٥).

أما حجة الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على جواز القضاء بشاهد ويمين فهي:

أولا: ما روي عن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمين


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة آل عمران، باب إن الذين يشترون بعهد الله. بلفظ شاهداك أو يمينه جـ٦ ص٤٣. وأخرجه الإمام أحمد جـ٤ ص٣١٧.
(٢) يمين الصبر: هي التي يمسكك الحكم عليها حتى تحلف، أو التي تلزم ويجبر عليها حالفها. (١)
(٣) الصنعاني: العدة على إحكام الأحكام جـ٤ ص٤٠٢.
(٤) الصنعاني: العدة على إحكام الأحكام جـ٤ ص٤٠٣.
(٥) أبو القاسم السمناني: روضة القضاة وطريق النجاة جـ١ ص٢١٥.