للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعد بن إبراهيم ويزيد بن يونس، علما بأن الشبهة تبقى مكتنفة الاستدلال بهذا الحديث، فلا يكون الاحتجاج به سليما.

ومما يقتضي النظر، ما قاله الرهاوي في حاشيته على شرح المنار، مقررا تمسكه بمذهبه، دون التفات إلى آراء الخصوم، ولا إلى آراء علماء الحديث، فقال:

ويجاب بأن أئمتنا قد عملوا بهذا الحديث، واستدلوا به، فدل ذلك على صحته، لأن القاعدة عندنا، أن المجتهد إذا عمل بدليل من السنة، وطعن الخصم، لا يلتفت إلى قوله؛ لأن المجتهد بذل وسعه في ذلك، وكذا لا يلتفت إلى قول المحدثين من أنه ضعيف، أو غير صحيح؛ لأن ذلك اصطلاح حادث، نشأ من طول الطريق (١).

(ب) الاستدلال بهذا الحديث خروج عن القاعدة التي تقولون بها، من أن الزيادة على النص نسخ، وخبر الواحد لا يقوى على النسخ كما هو مقرر، فخرجتم عن قاعدتكم بالاستدلال بهذا الحديث.

وأجابوا عن هذه المناقشة:

بأن حكم عدم الضمان ثابت بإشارة قوله تعالى: جزاء المقرونة بالقطع، وهو قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} (٢).

وتوجيه ذلك أن فعل السرقة قد حصل من العبد، والله قد قرر القطع جزاء كاملا للفاعل، وكمال الجزاء يستدعي كمال الجناية، وإنما تكتمل الجناية إذا كانت حقا لله تعالى، إذ الجزاء مأخوذ من مصدر جزى بمعنى كفى، فلو وجب غرم لم يكف الجزاء، لذا فإن فعل السارق تمحض حقا لله تعالى، وبناء عليه فالجزاء الذي هو القطع يكفي لحق الله (٣).


(١) الرهاوي: حاشية الرهاوي على ابن ملك ص ٩١.
(٢) سورة المائدة الآية ٣٨
(٣) ابن ملك: شرح المنار وحواشيه ص ٩٠ فما بعد، ابن نجيم: فتح الغفار جـ ١ ص ٢٣.