للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظهرانيهم آمنا مطمئنا، بعد أن انكشف اعتناقه للإسلام، وتعرضه للأذى والتعذيب والإهانة بسبب إسلامه، فكان أمام مسلكين لا ثالث لهما: إما الهجرة إلى أرض الحبشة مع المسلمين الآخرين الذين اختاروها دارا لهم؛ لأنهم طوردوا في دارهم مكة وطردوا منها، فأصبحوا بلا دار، وإما العودة إلى بلده وقومه، حيث داره وأهله، فاختار الدار والأهل على الغربة والتغريب، وعاد إلى مستقره الأول ولو إلى حين.

ولما علم أبو موسى بهجرة المسلمين إلى المدينة المنورة، واستدعاء المسلمين إليها لإكمال حشدهم في قاعدتهم الرئيسة، توجه أبو موسى وإخوته الأشعريون وهم خمسون رجلا ومعهم رجلان من بني عك إلى المدينة المنورة، وقدموا في سفن في البحر، حيث عاد أبو موسى وصحبه مع جعفر بن أبي طالب وصاحبه. ولما وصلوا إلى المدينة وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره بخيبر. ثم لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوا وأسلموا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأشعرون في الناس، كصرة فيها مسك (١)».

وقد ذكر ذلك أبو بردة الأشعري أخو أبي موسى الأشعري، فقال: "خرجنا من اليمن في بضع وخمسين رجلا من قومنا، ونحن ثلاثة إخوة: أبو موسى وأبو رهم، وأبو بردة، فأخرجتنا سفينتنا إلى النجاشي بأرض الحبشة وعنده جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فأقبلنا جميعنا في سفينتنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر (٢).


(١) طبقات ابن سعد (١/ ٩٨ - ٤٩) ".
(٢) أسد الغابة (٥/ ١٤٥ - ١٤٦).