للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وقال أبو موسى: بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين أنا وأخوان لي أنا أصغرهما، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم، وثلاثة وخمسون من قومي، فركبنا السفينة فألقتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا ههنا، وأمرنا بالإقامة فأقيموا. فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن خيبر منها شيئا إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه". وهذا حديث صحيح، وقال: هاجرتم مرتين: هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إلي (٢)».

لقد أسلم أبو موسى وإخوته قديما بمكة، ثم رجعوا إلى بلاد قومهم، فلم يزالوا بها حتى قدموا هم وناس من الأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣)، فإسلام أبي موسى وإخوته قديم، والذين قدموا معهم مسلمون أيضا، وإلا لما رافقوهم في رحلتهم إلى الإسلام، لذلك كان إسلامهم من جديد في خيبر تجديدا للإسلام الذي اعتنقوه من قبل، ولم يكن إسلاما جديدا، بل كانت تجديدا للإسلام.

وبعد فتح مكة الذي كان في شهر رمضان من السنة الثامنة الهجرية (٤)، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في شهر شوال إلى غزوة (حنين) (٥)، وبعد انهزام المشركين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم السرايا لمطاردة المشركين المنهزمين، وكان ممن أرسلهم أبو عامر الأشعري


(١) طبقات ابن سعد (٤/ ١٠٦).
(٢) أسد الغابة (٥/ ٣٠٩) وانظر طبقات ابن سعد (٤/ ١٠٥ - ١٠٦). (١)
(٣) أسد الغابة (٥/ ٣٠٨).
(٤) طبقات ابن سعد (٢/ ١٣٤) وجوامع السيرة (٢٢٦).
(٥) طبقات ابن سعد (٢/ ١٤٩).