للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما ذكره عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى حول ما طرأ عليه وعلى أهل بيته من بوادر النعمة التي لم تكن لديهم من قبل، يذكره عمر في كتبه لكل عماله بدون استثناء، حتى لو علم أن تلك النعمة الطارئة لا وجود لها، فقد كان أسلوب عمر أن يخوف من الانحراف قبل وقوعه، خوفا من وقوع العامل فيه فلا ينفع التخويف والتحذير، فقد كان أبو موسى أسوة حسنة لأهله ومن حوله ومن يحكم باستقامته المطلقة وتقشفه وأمانته، ومع ذلك فالتحذير العمري في كتابه لا يخلو من فائدة خاصة وعامة، إذا لم تقتصر على أبي موسى، فقد تشمل غيره ممن معه في السلطة والرعية.

لقد كان أبو موسى من قضاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وجهه إلى اليمن أميرا وقاضيا كما وجه معاذ بن جبل أميرا وقاضيا (١)، وكان من واجب الأمير في حينه أن يقضي بين الناس أيضا إضافة إلى واجباته الأخرى، وقد روى الإمام أحمد بن حنبل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن، فقال: «"بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا، وتطاوعا ولا تختلفا (٢)». ".

وقد بقي على القضاء في اليمن إلى عمر بن الخطاب (٣)، ثم نقل في منصب القضاء لعمر (٤) بالمدينة. ولما تولى أبو موسى البصرة من قبل عمر بن الخطاب، كان معه قاض في البصرة، فلما تولى عثمان بن عفان أقر أبا موسى على صلاة البصرة وأحداثها وعزل قاضيها عن القضاء وولى أبا موسى القضاء (٥) أيضا.


(١) أخبار القضاة (١/ ١٠٠).
(٢) أخبار القضاة (١/ ١٠١)
(٣) أخبار القضاة (١/ ١٠٢).
(٤) المعارف (٥٩٠).
(٥) أخبار القضاة (١/ ٢٨٣).