للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تخل إمارته على البصرة والكوفة من مشاكل فحسب، بل العكس هو الذي حدث، فقد كان أهل البلدين يطالبون الخليفة بعودته إليهما كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

فقد سأل عمر أهل الكوفة: "من تريدون؟ "، فقالا: "أبا موسى "، فأمره عليهم بعد عمار بن ياسر، وكان ذلك في سنة اثنتين وعشرين الهجرية (١).

وقد اختاره أهل الكوفة واليا عليهم في عهد عثمان، فنزل عثمان على إرادة أهل الكوفة، وولى على الكوفة أبا موسى (٢)، وكان ذلك سنة أربع وثلاثين الهجرية (٣)، ومن النادر أن يرضى أهل الكوفة عن أمير!! ولما بعث علي بن أبي طالب عمارة بن شهاب (٤) وكانت له هجرة، واليا على الكوفة خلفا لأبي موسى، علم وهو في طريقه إليها، أن أهلها لا يريدون بأميرهم أبي موسى بديلا، فرجع عمارة إلى علي بن أبي طالب بالخبر (٥)، كما اختير من الناس ليمثل أهل العراق في التحكيم، ولم يكن اختياره من علي كما ذكرنا، كل ذلك يدل على مبلغ ثقة الناس بأبي موسى ومقدار شعبيته القوية، فهو أمير وقائد شعبي بحق، كما نعبر عن أمثاله اليوم، إن كان له أمثال! تلك هي مجمل إنجازات أبي موسى إداريا: تعليم للقرآن والحديث النبوي والفقه، وتحفيظ للقرآن الكريم حتى بلغ الحفاظ عشرات المئات، فهو قائد مدرسة علمية فذة، وإصلاح زراعي، وتعمير، وإرواء، وبناء: بنى أبو موسى مسجد البصرة ودار الإمارة بلبن وطين (٦)، وعدل، واستقرار، فهو


(١) الطبري (٤/ ١٦٤) وابن الأثير (٣/ ٣٢).
(٢) الطبري (٤/ ٣٣٦) وابن الأثير (٣/ ١٤٨) وانظر أسد الغابة (٣/ ٢٤٧) و (٥/ ٣٠٩) والإصابة (٤/ ١٢٠).
(٣) العبر (١/ ٣٤ - ٣٥).
(٤) عمارة بن شهاب: انظر سيرته في الإصابة (٦/ ٢٧٦).
(٥) الطبري (٤/ ٤٤٢ - ٤٤٣) وابن الأثير (٣/ ٢٠٢).
(٦) البلاذري (٤٨٨).