للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "إني لأغتسل في البيت المظلم، فأحني ظهري حياء من ربي "، وكان إذا صلى في بيت مظلم، تجاذب وحنى ظهره حتى يأخذ ثوبه ولا ينتصب قائما، وكان يقول: "إني لأغتسل في البيت الخالي، فيمنعني الحياء من ربى أن أقيم صلبي". ورأى قوما يقفون في الماء بغير أزر، فقال: "لأن أموت ثم أنشر، أحب إلى من أن أفعل مثل هذا" (١)، وهذا دليل على شدة حيائه.

وكان أبو موسى ممن يتقنون قراءة القرآن من الصحابة، ويتميز بحسن صوته في القراءة، وقد «مر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عائشة رضي الله عنها ذات ليلة، وأبو موسى يقرأ القرآن في بيته، فقاما فاستمعا لقراءته، ثم إنهما مضيا فلما أصبح لقي أبو موسى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: "يا أبا موسى! مررت بك البارحة ومعي عائشة وأنت تقرأ في بيتك، فقمنا فاستمعنا لقراءتك "، فقال أبو موسى: "يا نبي الله! أما إني لو علمت بمكانك، لحبرت لك القرآن تحبيرا (٣)»، وقد أصبح معلما للقرآن الكريم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده، وأصبحت له مدرسة في القراءة القرآنية في البصرة، يتمسكون بها، ويدافعون عنها، ويتحيزون لها.

وكان لشدة ورعه يقول: "لئن يمتلئ منخري من ريح جيفة، أحب إلى من أن يمتلئ من ريح امرأة (٤) "، بالحرام طبعا، أما بالحلال فالأمر مختلف جدا. وقال أبو موسى لرجل: "ما لي أرى عينك نافرة؟! فقال: "إني التفت التفاتة، فرأيت جارية لبعض الجيش، فلحظتها لحظة فصككتها (٥)


(١) طبقات ابن سعد (٤/ ١١٣ - ١١٤).
(٢) حلية الأولياء (١/ ٢٥٨).
(٣) حبر الشيء: زينه ونقمه. (٢)
(٤) طبقات ابن سعد (٤/ ١١٤).
(٥) صكه: دفعه بقوة، ويريد: نظرت إليها بقوة. وفي التنزيل العزيز: فصكت وجهها لطمته تعجبا.