وخدموه بكل أمانة وصدق وإخلاص فانتشر الذين تلقوا العلم عليهم في البلاد ونشروا عملهم شرقا وغربا.
وكان على جانب عظيم من حسن الخلق، تتمثل فيه المثل العليا الإسلامية التي وردت في الكتاب العزيز والسنة النبوية، فكان أبو موسى حسن الحلق تمثل بشرا سويا، يمشي على الأرض، ويرتاد الأسواق، ويأكل الطعام ولكنه أسوة حسنة لغيره في الخلق الكريم.
ومن مزاياه سفيرا نبويا، الصبر الجميل، والحكمة البالغة لقد وردت كلمة: صبر، ومشتقاتها في أربع ومائة آية من آيات الذكر الحكيم (١)، ومن الطبيعي أن يتأثر أبو موسى بتعاليم القرآن التي تأمر بالصبر وتبشر الصابرين، وتنهى عن الجزع واليأس والقنوط وتخوف الذين يجزعون وييأسون ويقنطون، وسيرته تدل على أنه كان من أكابر الصابرين، فقد صبر على أيام العسر والشدة في حياته، وما أكثرها وأعسرها وأشدها، ولا نعلم في سيرته موقفا واحدا انهار فيه، فقد صبر في الضراء صبر المؤمنين المحتسبين الشاكرين، فكان شاكرا في السراء والضراء وحين البأس لأنه كان من الصابرين.
ويبدو أنه بالإضافة إلى تأثره البالغ بتعاليم الإسلام في الصبر الجميل، كان بطبيعته له استعداد على الصبر، فهو هادئ الطبع رضي النفس غير متسرع ولا عصبي المزاج، فهو من أولئك النفر الصابرين بطبعهم، فزادته تعاليم الإسلام في الصبر نورا على نور.
أما تمتعه بالحكمة البالغة، فيكفي أن ندلل على ذلك بنجاحه الباهر في أعماله الكثيرة داعيا وقاضيا وواليا ومعلما ومرشدا ومجاهدا وجنديا وإنسانا، وفي السلم والحرب.
فقد بعثه الني -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن قاضيا وأميرا ومعلما، وبعد