للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار الناس كالشيء المشوب، ودارت بين الكل رحى الفتن والحروب، وانتشر شر المنافقين وعيل صبر المتقين، وتقطعت أسباب (١) المسالك للسالك (٢) وترادفت الضلالات والمهالك، ومنع الخلاص ولات حين مناص.

فالموحد بينهم أعز من الكبريت الأحمر، ومع ذلك فليس له مجيب ولا داع (٣) ولا قابل لما يقول ولا واع (٤)، قد نصبت له رايات الخلاف ورمي بقوس العداوة والاعتساف، ونظرت إليه شزرا العيون (٥). وأتاه الأذى من كل منافق مفتون (فاشتدت عليه الكربة) (٦) واستحكمت له الغربة، وأفلاذ كبده تقطعت مما جرى في دين الإسلام وعراه من الانثلام (٧) والباطل قد اضطرمت ناره، وتطاير في الآفاق شراره، ومع هذا كله / فهو على الدين الحنيف مستقيم ولحجج الله [١ / ب] وبراهينه مقيم.

فبالله قل لي: هل يصدر هذا إلا عن يقين (٨) وصدق راسخ في الجنان، وكمال توحيد وصبر وإيمان (٩) ورضى وتسليم لما قدره الرحمن، وقد وعد الله الصابرين جزيل الثواب: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (١٠).

وقد قال بعض العلماء رحمه الله تعالى: من اتبع القرآن والسنة وهاجر إلى الله بقلبه، واتبع آثار الصحابة لم يسبقه الصحابة إلا بكونهم رأوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتهى. وفي ذلك الزمان فالكل له أعوان وإخوان


(١) (ط) سبل.
(٢) (ط): للسالك. ساقطة.
(٣) (ط): راع.
(٤) (ط): وقد.
(٥) (ط): شزر. تحريف.
(٦) ما بينهما ساقط من (ط).
(٧) (ط): الانثلام والانفصام.
(٨) (ط): و. ساقط.
(٩) (ط): وإيمان وصبر.
(١٠) سورة الزمر الآية ١٠