للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجاب عن ذلك:

بأن حديث عدي يدل على وجود السفر لا على جوازه، ولذلك لم يجز في غير الحج المفروض ولم يذكر فيه خروج غيرها معها، وقد اشترطوا ها هنا خروج غيرها معها (١).

ثالثا: أنه سفر واجب فلم يشترط له المحرمية كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار. وكذا الكافرة إذا أسلمت في دار الحرب فإنه يجب السفر إلى بلاد الإسلام بلا محرم فكذلك الحج (٢) ويجاب على ذلك: بأن سفر المسلمة والكافرة إذا أسلمت في بلاد الكفر سفر ضرورة لا يقاس عليها حالة الاختيار ولذلك تخرج فيه وحدها. ولأنها تدفع ضررا متيقنا يتحمل الضرر المتوهم لذا لا يلزم تحمل ذلك من غير ضرر أصلا (٣).

ثم لو سلمنا بمساواة جواز سفرها للحج بما ذكروه لجاز لها أن تحج وحدها كما تفعل المسلمة أو الأسيرة. فإذن لم اشترطوا وجود امرأة ثقة للحج أو جماعة صالحة؟ فلما لم يبح لها في الحج أن تخرج وحدها دل على الفرق بين الأمرين، مما يدل على عدم جواز سفر المرأة وحدها لا في حج ولا في غيره (٤).

قلت: إن سفر المرأة لوحدها عرضة لفساد دينها وخلقها بما قد تتعرض له أثناء الطريق أو الإقامة في البلدان التي تمر عليها ففي السفر مظنة حصول الخلوة فالطائرة قد يحصل بها بعض العطل فتضطر للنزول ومن هنا لا محرم مما قد يجر الرجل إلى الخلوة بها في الفندق المهيأ لانتظار الركاب وفي السفينة قد يدعوها قبطانها أو أحد الركاب في غرفته فتحصل الخلوة. لهذا فإن عين المحرمية متابعة دائمة، والذئب إنما يأكل القصية من


(١) انظر المغني لابن قدامة ٣/ ٢٣٨.
(٢) انظر المغني لابن قدامة ٣/ ٢٣٧ وانظر معالم السنن ٢/ ١٤٥.
(٣) انظر المغني لابن قدامة ٣/ ٢٣٨.
(٤) معالم السنن ٢/ ١٤٥.