للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان مالك يكره ذلك مع ابن الزوج وهو محرم، فالقول بالحرمة مع غير المحرم أولى.

ولا حاجة للتفريق بين المرأة الشابة والمتجالة، لأن مناط النهي للتحريم كما في الأحاديث كونها امرأة وهو وصف منضبط يصلح لأن يكون علة للتحريم، بخلاف كونها شابة أو متجالة، خاصة وأن بعض النفوس قد تتعلق بالمرأة المتجالة أيضا فكل ساقطة في الحي لها لاقطة، وقد رد النووي على هذا بقوله (وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها. لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته وخيانته، ونحو ذلك) (١).

ومما يؤيد حرمة سفر المرأة بدون محرم للحج ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إني كتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة قال ارجع وحج مع امرأتك (٢)» ففي هذا الحديث دلالة على تقديم الأهم من الأمور المتعارضة، لأنه لما تعارض سفره في الغزو وفي الحج معها رجح الحج معها، لأن الغزو يقوم غيره مقامه بخلاف الحج معها (٣) وهذا يدل على أن المحرم لا ينوب عنه جماعة المسلمين الصالحين أو النساء الثقات، وإلا لما أمره -صلى الله عليه وسلم- بالرجوع عن الجهاد والتخلف عنه لا سيما وأن من يتخلف عنه منافق معلوم النفاق.


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ١٠٤، ١٠٥.
(٢) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب كتابة الإمام الناس ٣/ ٣٤ واللفظ له ورواه مسلم في كتاب الحج آخر باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ١٠٩، ١١٠.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ١١٠.