للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البريد فأدى كل منهم ما سمعه. وما جاء منها مختلفا عن رواية واحدة فسمعه في مواطن فروى تارة هذا وتارة هذا وكله صحيح، وليس كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد -صلى الله عليه وسلم- تحديد أقل ما يسمى سفرا، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو بريدا أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم (١)» وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا).

ولا ينبغي التفريق بين نوع السفر فالحرمة واحدة سواء أكان السفر للحج أم لغيره. فالمرأة إذا لم تجد المحرم سقط عنها الحج، لأنه من السبيل الذي ذكره الله في قوله سبحانه {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٢) فإذا لم يكن لها محرم، فلا تستطيع إلى هذا السبيل (٣).

قال الخطابي: (قلت: في هذا بيان أن المرأة لا يلزمها الحج إذا لم تجد رجلا ذا محرم يخرج معها. . وقال الشافعي: تخرج مع امرأة حرة مسلمة ثقة من النساء. قلت: المرأة الحرة المسلمة الثقة التي وصفها الشافعي لا تكون ذا حرمة منها، وقد حظر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم الشريطة التي أثبتها النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف السنة، فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية، لم يجز إلزامها الحج وهو طاعة. بأمر يؤدي إلى معصية) (٤) خاصة وأنه مع وجود غير المحرم قد تتعرض المرأة أثناء سفرها لما لا ينبغي لها لعدم وجود من يمنع عنها الردى، أو يشفق عليها لو حصل لها مكروه، ولذلك، نرى الإمام مالكا يكره خروج المرأة للحج مع ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها (٥).


(١) صحيح البخاري الحج (١٨٦٢)، صحيح مسلم الحج (١٣٤١)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٠٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٢٢).
(٢) سورة آل عمران الآية ٩٧
(٣) الجامع الصحيح للترمذي ٣/ ٤٧٣.
(٤) معالم السنن ٢/ ١٤٤.
(٥) شرح الزرقاني على موطأ مالك ج ٢/ ٤٠٢ طبع دار الفكر.