ولا يقولن قائل: الأحاديث قد دونت وجمعت، فخفاؤها والحال هذه بعيد.
ولا نستنتج من كلام ابن تيمية أن الحديث لم يكتب في عهده، بل كان بعض كتاب الوحي يكتبون عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث أيضا إلا أن هذه الدواوين المشهورة في السنن إنما جمعت بعد انقراض الأئمة المتبوعين.
ومع هذا فلا يجوز أن يدعي انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دوواين معينة بل الدوواين تكمل بعضها.
ثم لو فرض انحصارها فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم، ولا يكاد ذلك يحصل لأحد. وبين لنا ابن تيمية أيضا أنه لا يشترط في المجتهد أن يكون عالما بالأحاديث كلها فيقول: لا يقولن قائل: من لم يعرف الأحاديث كلها لم يكن مجتهدا.
وإنما غاية العالم أن يعلم جمهور ذلك ومعظمه، بحيث لا يخفى عليه إلا القليل من التفصيل.
السبب الثاني: في ترك بعض الأحاديث: أن يكون الحديث قد بلغه، لكنه لم يثبت عنده إما لأن محدثه أو محدث محدثه أو غيره من الإسناد مجهول عنده أو متهم، أو سيئ الحفظ.
وإما لأنه لم يبلغه مسندا بل منقطعا.
أو لم يضبط لفظ الحديث.
السبب الثالث:
اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره وتحته كلام كثير لا يتسع المقام لذكره.
السبب الرابع: في ترك بعض الأحاديث عند المجتهد أنه يشترط في خبر الواحد العدل الحافظ شروطا يخالفه فيها غيره.
مثل اشتراط بعضهم عرض الحديث على الكتاب والسنة واشتراط بعضهم أن يكون المحدث فقهيا إذا خالف قياس الأصول.
واشتراط بعضهم انتشار الحديث وظهوره إذا كان فيما يعم به البلوى.