للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتجد توضيح ذلك في كتب الأصول.

السبب الخامس:

أن يكون الحديث قد بلغه وثبت عنده، لكن نسيه كما حدث ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك مثل الحديث المشهور «عن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن الرجل يجنب في السفر فلا يجد الماء فقال: لا يصلي حتى يجد الماء - فقال عمار: يا أمير المؤمنين أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأجنبنا فأما أنا فتمرغت كما تمرغ الدابة، وأما أنت فلم تصل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم: (إنما يكفيك هكذا) وضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه؟ فقال له عمر: اتق الله يا عمار!! فقال إن شئت لم أحدث به.

فقال: بل نوليك من ذلك ما توليت (١)».

فهذه سنة شهدها عمر ثم نسيها حتى أفتى بخلافها وذكره عمار فلم يذكر وهو لم يكذب عمارا بل أمره أن يحدث بها.

وأبلغ من هذا أنه خطب الناس فقال " لا يزيد رجل على صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته إلا رددته ". فقالت امرأة: يا أمير المؤمنين: " لم تحرمنا شيئا أعطانا الله إياه؟ ".

ثم قرأت {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (٢) سورة النساء (آية ٢٠) فرجع عمر إلى قولها وكان حافظا للآية ولكن نسيها.

ويواصل شيخنا ابن تيمية في بيان الأعذار وتوضيح الأسباب في ترك بعض الأحاديث في الاستدلال فيقول (٣).


(١) الحديث في: البخاري (كتاب التيمم ٥، ٨، ٣٥)، مسلم (كتاب الطهارة)، النسائي (الطهارة ١٩٥) أبو داود (كتاب الطهارة).
(٢) سورة النساء الآية ٢٠
(٣) أصول الفقه لابن تيمية ٢/ ٢٤٤ (فتاوى).