عشرة سنة بلا عذر أن الدعوى لا تسمع إلا بأمر سلطاني، ونقل أيضا مثله فتوى تركية عن المولى أبي السعود، وتعريبها إذا تركت دعوى الإرث بلا عذر شرعي خمس عشرة سنة، فهل لا تسمع الجواب؟ لا تسمع إلا إذا اعترف الخصم بالحق ونقل مثله شيخ مشياخنا التركماني عن فتاوى عبد الله أفندي مفتي الروم، وهذا الذي رأينا عليه عمل من قبلنا، فالظاهر أنه ورد نهي جديد بعدم سماع دعوى الإرث والله سبحانه أعلم.
(تنبيهات) الأول قد استفيد من كلام الشارح أن عدم سماع الدعوى بعد هذه المدة إنما هو للنهي عنه من السلطان، فيكون القاضي معزولا عن سماعها؛ لما علمت من أن القضاء يتخصص؛ فلذا قال: إلا بأمر، أي فإذا أمر بسماعها بعد هذه المدة تسمع، وسبب النهي قطع الحيل والتزوير، فلا ينافي ما في الأشباه وغيرها من أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان اهـ. ولذا قال في الأشباه أيضا ويجب عليه سماعها اهـ. أي يجب على السلطان الذي نهى قضاته عن سماع الدعوى بعد هذه المدة أن يسمعها بنفسه، أو يأمر بسماعها كيلا يضيع حق المدعي، والظاهر أن هذا حيث لم يظهر من المدعي أمارة التزوير، وفي بعض نسخ الأشباه ويجب عليه عدم سماعها، وعليه فالضمير يعود للقاضي المنهي عن سماعها، لكن الأول هو المذكور في معين المفتي.
الثاني: أن النهي حيث كان للقاضي لا ينافي سماعها من المحكم، بل قال المصنف في معين المفتي: إن القاضي لا يسمعها من حيث كونه قاضيا، فلو حكمه الخصمان في تلك القضية التي مضى عليها المدة المذكورة فله أن يسمعها.
الثالث: عدم سماع القاضي لها إنما هو عند إنكار الخصم، فلو اعترف تسمع كما علم مما قدمناه من فتوى المولى أبي السعود أفندي؛ إذ لا تزوير مع الإقرار.
الرابع: عدم سماعها حيث تحقق تركها هذه المدة، فلو ادعى في أثنائها لا يمنع بل تسمع دعواه ثانيا ما لم يكن بين الدعوى الأولى والثانية هذه المدة، ورأيت بخط شيخ مشايخنا التركماني في مجموعته أن شرطها أي شرط الدعوى مجلس القاضي فلا تصح الدعوى في مجلس غيره كالشهادة، تنوير