الشارح العذر الشرعي أعم مما في الخيرية من الاقتصار على استثناء الوقف ومال اليتيم والغائب؛ لأن العذر يشمل ما لو كان المدعى عليه حاكما ظالما كما يأتي، وما لو كان ثابت الإعسار في هذه المدة ثم أيسر بعدها فتسمع كما ذكره في الحامدية.
السادس: استثناء مال اليتيم مقيد بما إذا لم يتركها بعد بلوغه هذه المدة وبما إذا لم يكن له ولي كما يأتي، وفي الحامدية لو كان أحد الورثة قاصرا والباقي بالغين تسمع الدعوى بالنظر إلى القاصر بقدر ما يخصه دون البالغين.
السابع: استثنوا الغائب والوقف ولم يبينوا له مدة فتسمع من الغائب ولو بعد خمسين سنة، ويؤيده قوله في الخيرية من المقرر أن الترك لا يتأتى من الغائب له أو عليه؛ لعدم تأتي الجواب منه بالغيبة والعلة خشية التزوير ولا يتأتى بالغيبة الدعوى عليه، فلا فرق فيه بين غيبة المدعي والمدعى عليه اهـ.
وكذا الظاهر في باقي الأعذار أنه لا مدة لها؛ لأن بقاء العذر وإن طالت مدته يؤكد عدم التزوير بخلاف الوقف، فإنه لو طالت مدة دعواه بلا عذر ثلاثا وثلاثين سنة لا تسمع، كما أفتى به في الحامدية أخذا مما ذكره في البحر في كتاب الدعوى عن ابن الغرس عن المبسوط، إذا ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة، ولم يكن مانع من الدعوى ثم ادعى لا تسمع دعواه؛ لأن ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا اهـ.
وفي جامع الفتوى عن فتاوى العتابي قال المتأخرون من أهل الفتوى: لا تسمع الدعوى بعد ست وثلاثين سنة إلا أن يكون المدعي غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولي أو المدعى عليه أميرا جائرا اهـ.
ونقل ط عن الخلاصة: لا تسمع بعد ثلاثين سنة اهـ. ثم لا يخفى أن هذا ليس مبنيا على المنع السلطاني بل هو المنع من الفقهاء، فلا تسمع الدعوى بعده وإن أمر السلطان بسماعها.
الثامن: سماع الدعوى قبل مضي المدة المحدودة مقيد بما إذا لم يمنع منه مانع آخر يدل على عدم الحق ظاهرا لما سيأتي في مسائل شتى آخر الكتاب من أنه لو باع عقارا أو غيره وامرأته أو أحد أقاربه حاضر يعلم به، ثم ادعى ابنه مثلا أنه ملكه لا تسمع دعواه، وجعل سكوته كالإفصاح قطعا للتزوير والحيل بخلاف الأجنبي فإن سكوته ولو جارا لا يكون رضا إلا إذا سكت الجار وقت البيع والتسليم