للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في الحاشية لابن قاسم:

فإن حكمهم باق لإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة من المسلمين والمشركين، وكذلك أبو بكر رضي الله عنه، وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم، وأعدل السياسة سياسته صلى الله عليه وسلم، ومنع وجود الحاجة على ممر الزمان، واختلاف أحوال النفوس في القوة والضعف لا يخفى فساده، واتباع سيرته صلى الله عليه وسلم أحق.

قال الشيخ: ويجوز بل يجب الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه، وإن كان لا يحل له أخذ ذلك، كما في القرآن العزيز، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة من الفيء. اهـ (١).

وقال ابن قدامة في كتابه المغني في معرض ذكره الخلاف بين أهل العلم في سقوط سهم المؤلفة قلوبهم أو بقاء حكم وجوده عند الحاجة ورده على القائلين بسقوط سهمهم على سبيل النسخ بالإجماع فقال:

وأحكامهم كلها باقية، وبهذا قال الحسن والزهري وأبو جعفر محمد بن علي. وقال الشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي: انقطع سهم المؤلفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أعز الله الإسلام وأغناه عن أن يتألف عليه رجال، فلا يعطى مشرك تألفا بحال. قالوا: وقد روي هذا عن عمر رضي الله عنه، ولنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء، وكان يعطي المؤلفة قلوبهم كثيرا في أخبار مشهورة، ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله ولا سنة رسوله إلا بنسخ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النسخ إنما يكون بنص، ولا يكون النص بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقراض زمن الوحي ثم إن القرآن


(١) حاشية ابن قاسم على الروض المربع ج٣ ص٣١٥.