للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أوجبها الله سبحانه على مرتكبي الجرائم التي تتقاضاها الطباع، وليس عليها وازع طبيعي، فهي من أعظم مصالح العباد في المعاش والمعاد. بل لا تتم معايشة ملك من ملوك الأرض إلا بزواجر وعقوبات لأرباب الجرائم، حيث يزع الله (١).

وللفقهاء رحمهم الله اصطلاحات في تخصيص الحدود بالعقوبات:

- فالحنفية: عرفوا الحدود بالعقوبات المقدرة حقا لله عز وجل (٢) فأخرجوا عقوبة التعزير؛ لأنها غير مقدرة. وأخرجوا عقوبة القصاص ونحوها؛ لأنها ليست حقا لله غالبا، بل حق لله وللعبد؛ إذ تسقط بعفو العبد.

- والحنابلة: عرفوا الحدود بالعقوبات المقدرة شرعا في معصية من الوقوع في مثلها (٣)، فأخرجوا عقوبة التعزير كالحنفية، لكنهم أدخلوا عقوبات القصاص ونحوها في مسمى الحدود؛ لأنها وإن لم تكن حقا لله خاصة، فهي مقدرة شرعا (٤).

وقد وردت الكلمة: بالحدود والمحادة في كتاب الله جل وعلا ثماني عشرة مرة، وفي ذلك أمر للفئة المسلمة عقيدة، والمؤمنة بربها سلوكا ومنهج عمل، بالتزام حدود الله، والوقوف عند شرعه الذي شرع لعباده؛ لتستقيم أحوال الناس، وينتظم معاشهم. وحدود الله هي محارمه.

- الوقاية من الجريمة:

يقول ابن تيمية رحمه الله: لولا العقوبة التي فرضها الله على الجناة والمفسدين لأهلك الناس بعضهم بعضا، وبذلك يفسد نظام العالم، وهي لا تتم إلا بمؤلم يردعهم، ويجعل الجاني نكالا وعظة لمن يريد أن يفعل مثل فعله (٥) ولذا تهتم الدراسات الأمنية بالجريمة، ومعرفة المداخل التي أوصلت


(١) حاشية ابن قاسم على الروض المربع ٧: ٣٠٠.
(٢) فتح القدير ٤: ١١٢.
(٣) كشاف القناع ٦: ٦٣.
(٤) فقه عمر للدكتور رويعي ١: ٧٣.
(٥) حاشية ابن قاسم على الروض المربع ٥: ١٦٤.