للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرعية: من ميراث وغنيمة ومصرف زكاة، وبيع وشراء، ومداينة وصداق للنساء، وهبات وغير ذلك. فكان الحق واضحا، ومداخل الاعتداء فيها بينة، وعليها تشفق النفوس: طمعا وخوفا، وزكاة للنفوس تبرز بالحرص عليها أداء، وتنقية من أمانات وحقوق، ووقاية النفس منها تعديا واستضعافا، فكان الحلال منها بينا وواضحا أثره في العمل، والعلامات عليه في الأعمال التعبدية متميزة بالدليل العقلي والنقلي.

والحرام منها فيه علامات تميزه أيضا، وتوضيحات تقطع الحجة على كل متقول، كما نجد في مثل هذا النص الكريم الذي قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن سأله بأن يدعو الله له بأن يكون مستجاب الدعوة: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» رواه الترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لحم نبت من السحت فالنار أولى به (١)» رواه الدرامي في مسنده.

وبعد المال يهتم الإنسان بعرضه دفاعا ومحافظة؛ لأن التطاول على الأعراض، مما يهدد كيان الأسرة، وينخر في سوس المجتمع، فالعرض هو السمعة وهو الكرامة؛ لذا حرصت تعاليم الإسلام على حمايته وصيانته عن التطاول والاعتداء. ولحرص العرب على حماية الأعراض كانت الحروب تدور من أجله، وكانت الدماء تراق، والغارات تتتابع من أجل كلمة، ووقاية من مسبة، خوفا من العار، وتوجسا من فضيحة اجتماعية صحيحة أو مفتعلة. فجاءت تعاليم هذا الدين تضع الحواجز، وتردع المعتدي، وتحمي الضعيف، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (٢)» متفق عليه. . . وأكد هذه الدلالة صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وفي خطبته صلى الله عليه وسلم البليغة، والتي تعتبر من أسس الأمور التشريعية في كثير من القضايا الإسلامية.

والعرض والمال عند الإنسان يعادلان النفس التي قد يتجرأ بعض الناس بالتطاول عليها بالقتل أو الإعاقة، أو الإضرار بأي نوع من الجروح، فأحاطها التشريع الإسلامي بسياج من الحماية والمدافعة لتبقى في مأمن من التسلط،


(١) سنن الترمذي الجمعة (٦١٤).
(٢) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧٧).