للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن في إبدائها إظهارا للإحسان ومدافعة للنفس وتحبيبا للآخرين في الاقتداء، وفي إخفائها منزلة إيمانية عميقة، وبعدا عن الرياء، وعفافا للآخرين وصونا لماء وجوههم، وقطعا للألسنة عن الإساءة، والأيدي عن التطاول.

- ومثل ذلك يستنتج من حكمة أداء الصيام، وكبح رغبات النفس، وتعويدها منهجا خاصا في العمل والالتزام ومنعها من الطعام والشراب والجماع في نهار شهر رمضان؛ لتأخذ من ذلك درسا عمليا في الابتعاد عن الشر، وسبل الإضرار بالنفس أو بالآخرين، حيث تندفع النفس إلى الترويض على صيانة اللسان من الغيبة والنميمة، وفحش القول، وللبدن بمغالبة الشهوات، وذلك أن اللسان هو الذي يورد النفس المهالك، ويوقعها في الموبقات، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه ضمن وصيته له ضرورة حفظ اللسان، «ولما سأل معاذ: أنحن مؤاخذون يا رسول الله بما نقول؟ أجابه صلى الله عليه وسلم بقوله: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم (١)»، وفي رواية «على مناخرهم (٢)» متفق عليه.

فالصيام ترويض بدني وكبح للشهوات، وهو رقابة ذاتية، فإذا لم ترسخ في الوجدان إحساسا وإيمانا وينعكس أثرها على المرء عملا ويقينا، فإن المرء لا يلتزم بهذا الركن على الوجه المطلوب، ولا انتهى عما يحدثه الصيام من أثر في البعد عن المنكرات، والمقترنة بإحساس الصوم، ولا الجرائم التي رسخ ضررها من تفاعل الصوم في النفس، مع مغالبة الحواس بترك كل ما يفسده.


(١) سنن الترمذي الإيمان (٢٦١٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٣٧).
(٢) سنن الترمذي الإيمان (٢٦١٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٣٧).