للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول الزور، الذي هو مدخل الجريمة، وأخذ أموال الناس، والتعدي على أعراضهم بالباطل، هو من فلتات اللسان الذي جاء الصوم ليهذب النفوس عنها، مثل الكذب، والشتم والسب، والكلام القبيح الذي هو رمي أعراض الناس بالمعايب، وثلبهم وذكرهم بقبيح القول، في حضورهم أو غيابهم، نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من كل ذلك، في وجوب إعطاء الصوم حقه، لنخرج منه بنفس مهذبة، وإحساس عميق، وأعمال مستمرة وزاكية، يقول صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه (١)».

-والحج الذي هو عبادة مالية وبدنية، يدفع المرء إلى الحرص على جمع المال الحلال، وتقوية البدن على أداء تلك الشعيرة، والمجيء في وقت مخصوص، وبلباس متميز، وإلى أماكن موحدة، تجمع المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف ألسنتهم وألوانهم؛ ليكون في مجتمعهم عبرة، وفي التقائهم درسا من دروس الحياة المهمة، كأهمية التعارف والتدارس، ومراقبة النفس عن الوقوع في المحظورات الإجرامية، وفداء كل عمل يخل بالحج السليم بما يلائم ذلك من الكفارات البدنية والمالية، وحتى لا تكون تلك الكفارات مربحا شخصيا نلمس رقابة ذاتية جاء بها التشريع في الجزاءات والكفارات، بأن يكون النسك لفقراء الحرم، ولا يأكل منها صاحبها شيئا، وأن يكون بعض الصيام في أيام الحج، وهي ثلاثة لمن لم يستطع الفداء، وسبعة إذا رجع إلى أهله تلك عشرة كاملة.

وإن تتبع أحكام الحج والحرص عليها أداء وعملا لمما يعطي المسلم درسا في معرفة السبل التي يتقي بها المرء ارتكاب ما يؤثر في هذه الشعيرة، والمنهج السلوكي الذي يجب أن يسير عليه أثناء تأديتها، أدبا وحسن تعامل واهتماما بإخوانه المسلمين، الذين تقاطر جمعهم على بيت الله


(١) رواه البخاري وأحمد وأبو داود.