للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرام، استجابة لأمر الله، وتلبية لنداء إبراهيم الخليل، عندما أذن في الناس بالحج.

ولولا مراقبة الله، والحرص على امتثال أمره الذي شرعه لعباده، والقدوة برسوله الكريم صلى الله صلى عليه وسلم الذي قال: «خذوا عني مناسككم (١)» لكان كل فرد يعمل ما يشاء، فلا يلتزم بميقات، ولا يتقيد بلباس، ولا يتجنب محظورا ولا يصرف الكفارة لمستحقها، إلى غير ذلك من أمور هي في صحة وسلامة الحج، لكن الوازع الإيماني، والرقابة الذاتية، جعلتها على النفس حارسا، يأخذ بها إلى العمل المفيد، ويوجهها إلى الصواب، ويدفعها إلى السؤال استرشادا، ورغبة في الخير، فعرفت الحق بعلاماته، واتجهت إليه محبة فيه، وأدركت الشر بالتحذير منه؛ لأنه محظور يجب اجتنابه، والتفكير عنه إذا تم الوقوع فيه.

وجميع فرائض الإسلام، إذا حرص المرء فيها على معرفة الحلال من الحرام: بأن حرص على الحلال فألزم نفسه به؛ لأنه هو المنهج السليم الذي وجهه دينه إليه، ورغب فيه بالاندفاع إليه، بأمر يجب احترامه لقدسية مصدره، فإنه بذلك يجد الفضيلة التي تتوقد إليها النفوس، ويرتاح للعمل الذي يتفق مع الفطرة. والنصوص الشرعية التي توضح الحلال من الحرام، فترغب في الحلال، وتجازي عليه، وتنهى عن الحرام الذي يمثل الشر وآثاره، فتعاقب عليه، وعلى فعله، هي زواجر وحدود تقوي الرقابة بالوقوف عند النص واتباعه في الحلال، والتبصر في دلالته، والابتعاد عما حذر منه من حرام. ذلك أن الحرام هو كل ما فيه ضرر بالنفس أو المجتمع، سواء أدرك الإنسان النتيجة أو خفي السر عنه.

وإذا كانت أنظمة البشر تعطي طابعين في المتابعة والتقويم: ذاتي بإحساس النفس، ورقابي مدفوع بقوة النظام، فإن الذاتي، يحرص عليه التربويون والإداريون، لإشعار أهل هذين التخصصين بأن القناعة العلمية


(١) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).