للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلزام على البشر- كل البشر- أن يعلموا أن الله عز وجل خالق الخلق ومدبر شئونهم، وهو وحده أعلم بما يصلحهم وما يصلح لهم؛ فتجب طاعته ويتحتم التزام أمره والوقوف عند حدوده، ويجب التحرر المطلق من كل عبودية للأوهام والأشخاص والنظم والأساطير والبدع والخرافات، والخروج عن دواعي النفس والهوى، والدخول بالكلية تحت سلطان الله رب العالمين.

والإيمان بالله تعالى لا يتم إلا باستلام الكيان الإنساني كله قلبا وعقلا وسلوكا لحكم الله وهيمنته على خلقه. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (٢).

إن الإيمان بالله عقيدة يختزنها الجنان وكلمة يرددها اللسان وعمل يصطبغ به السلوك الإنساني كله باتباع مرضاة الله عز وجل والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه.

إن الإيمان بالله قوة عاصمة من الدنايا دافعة إلى المكرمات، ومن ثم فإن الله تعالى عندما يدعو عباده إلى خير أو ينفرهم من شر، يجعل ذلك مقتضى الإيمان المستقر في قلوبهم، وما أكثر ما ينادي الله عباده بوصف الإيمان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (٣) ثم يذكر بعد ما يكلفهم به: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (٤) الآية (٥) إن لكل شيء علامة تدل عليه ويعرف بها، ومن علامات الإيمان الصادق: أن يكون الله ورسوله أحب إلى الإنسان من كل شيء، وأن يظهر ذلك في جميع تصرفاته فيصاحبه طاعة الله وطاعة رسوله وعمل بشرع الله الذي يحمله الرسول والاستجابة التامة لأوامره ونواهيه قال تعالى:


(١) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٢) سورة الأنعام الآية ١٦٣
(٣) سورة الأنفال الآية ٢٤
(٤) سورة الأنفال الآية ٢٤
(٥) انظر: خلق المسلم للغزالي- ص ٩ - ط التاسعة ١٣٩٤هـ الدوحة - قطر.