للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١) {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (٢).

إذن فليس الإيمان مجرد المعرفة فقط ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفة والإقرار والانقياد، والتزام طاعة الله، ودينه ظاهرا وباطنا.

وليس حب الله دعوى باللسان ولا هياما بالوجدان إلا أن يصاحبه الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على طريقته والعمل بسننه. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣) {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (٤).

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: (هذه الآية الكريمة حاكمة على من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٥)».

قال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٦) ثم قال تعالى آمرا لكل أحد من خاص وعام {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا} (٧) الآية، أي تخالفوا عن أمره فإن الله لا يحب الكافرين فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر والله لا يحب من اتصف


(١) سورة النور الآية ٥١
(٢) سورة النور الآية ٥٢
(٣) سورة آل عمران الآية ٣١
(٤) سورة آل عمران الآية ٣٢
(٥) صحيح مسلم ج٣/ ١٣٤٤ حديث رقم ١٧١٨ - كتاب ٣٠ باب ٨.
(٦) سورة آل عمران الآية ٣١
(٧) سورة آل عمران الآية ٣٢