للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدى الأزمان والدهور واصطفاهم المولى- جلت حكمته- ليكونوا دعاة الحق وهداة الخلق، فاختارهم من بين خلقه وصنعهم على عينه وشرفهم بأكمل الأوصاف، فجعلهم أئمة الدنيا والدين ورزقهم قوة العقل واليقين؛ ليكونوا وسطاء بينه وبين خلقه في تبليغ أوامره والتحذير من غضبه وعقابه، والإرشاد إلى ما فيه سعادة البشر في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (١).

وكان ختام المسك محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه أفضلهم وإمامهم وخاتمهم، آمن بما آمنوا به، ودعا إلى ما دعوا إليه. قال تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (٢) فكان صلوات ربي وسلامه عليه أعلى ما يكون هداية وإرشادا، وكان ما جاء به أسمى ما يكون تشريعا وتبصيرا، ختم الله به الرسالة وأتم به النعمة وجعله للعالمين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (٣) {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (٤) وجعل دينه دين القوة والرحمة، ودين الحياة، ودين الكفاح والجهاد ودين التمكين والعزة والنظافة والطهارة والإخاء والمساواة والهناء والرخاء قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (٥) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:. . . فهذه الآية


(١) سورة الأنبياء الآية ٧٣
(٢) سورة الأحقاف الآية ٩
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤٥
(٤) سورة الأحزاب الآية ٤٦
(٥) سورة الأحزاب الآية ٤٠