للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرائع السماوية بناة بيت واحد يؤسس سابقهم للاحقهم ويشيد لاحقهم على أساس سابقهم يصور ذلك: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا. فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين (١)» وهكذا كان صلوات الله وسلامه عليه برسالة الإسلام اللبنة المتممة لهذا البناء الشامخ، وكانت رسالته آخر لبنة وضعت فيه، واحتاج إليها هذا البناء الشامخ من لدن آدم عليه الصلاة والسلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فلا بد في الإيمان من أن تؤمن أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين لا نبي بعده. وأن الله أرسله إلى جميع الثقلين الجن والإنس، فكل من لم يؤمن بما جاء به فليس بمؤمن، فضلا عن أن يكون من أولياء الله المتقين ومن آمن ببعض ما جاء به وكفر ببعض فهو كافر ليس بمؤمن. كما قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (٢) {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (٣) {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٤) ومن الإيمان به الإيمان بأنه الواسطة بين الله وخلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وحلاله وحرامه، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فمن اعتقد أن لأحد من الأولياء طريقا إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر من أولياء الشيطان (٥) وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٦) الآية


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٥٣٥)، صحيح مسلم الفضائل (٢٢٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣١٢).
(٢) سورة النساء الآية ١٥٠
(٣) سورة النساء الآية ١٥١
(٤) سورة النساء الآية ١٥٢
(٥) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ج ١١/ ١٧٠.
(٦) سورة الحشر الآية ٧