وأنه من عند الله تعالى لم يختلقه محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره، بل هو من عند الله عز وجل، فيه دواء لما في الصدور من العقائد الفاسدة والشكوك الواهية.
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى:
فلرسالته صلى الله عليه وسلم عمومان محفوظان، لا يتطرق إليهما تخصيص: عموم بالنسبة إلى المرسل إليهم، وعموم بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه من بعث إليه في أصول الدين وفروعه، فرسالته كافية شافية عامة، لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا، فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته، ولا يخرج فرع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به.
وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علما، وعلمهم كل شيء حتى آداب التخلي وآداب الجماع والنوم والقيام والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول والسفر والإقامة والصمت والكلام والعزلة والخلطة، والغنى والفقر والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت، ووصف لهم العرش والكرسي، والملائكة والجن والجنة والنار ويوم القيامة وما فيه، حتى كأنه رأي عين، وعرفهم معبودهم وإلههم أتم تعريف، حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله، ونعوت جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم وما جرى إليهم، وما جرى عليهم معهم، حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها، ما لم يعرفه نبي لأمته قبله. . . وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أمور معايشهم ما لو علموه وعملوه؛ لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة، وبالجملة فقد جاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته ولم يحوجهم الله إلى أحد سواه.